بصمات السراج المنير

بصمات إيمانية

random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها الزوجة الرابعة

أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها الزوجة الرابعة

أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها الزوجة الرابعة
أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها الزوجة الرابعة
   
                                                                                                                                             
أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها الزوجة الرابعة

إسمها وشرفها ونسبها


أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى 

وأُمُّها زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب. 

وُلِدَتْ حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي ﷺ بخمس سنين، 

وحفصة -رضي الله عنها- أكبر أولاد عمر بن الخطاب ؛ فقد ورد أن حفصة أسنُّ من عبد الله بن عمر، 

وكان مولدها قبل الهجرة بثمانية عشر عامًا 


حياتها قبل النبي ﷺ 

تزوَّجت حفصة -رضي الله عنها- من خُنَيْس بن حذافة السهمي، وقد دخلا الإسلام معًا، ثم هاجر خُنَيْس إلى الحبشة في الهجرة الأولى،  

ثم هاجر خُنَيْس بن حُذافة مع السيدة حفصة –رضي الله عنها- إلى المدينة، وقد شهد مع رسول الله ﷺ بدرًا، ولم يشهد من بني سهم بدرًا غيره، 

وقد تُوُفِّيَ متأثِّرًا بجروح أُصيب بها في بدر. 


زواجها من النبي ﷺ 

وبعد وفاة زوجها، يرأف أبوها عمر بن الخطاب بحالها، ثم يبحث لها عن زوج مناسب لها، 
يقول عمر بن الخطاب : لقيتُ عثمان فعرضتُ عليه حفصة، وقلتُ: إن شئتَ أنكحتُكَ حفصة ابنة عمر. قال: سأنظر في أمري. فلبثتُ لياليَ ثم لقيني، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج في يومي هذا. 

قال عمر: فلقيتُ أبا بكر، فقلتُ: إن شئتَ أنكحتُكَ حفصة ابنة عمر. فصمت أبو بكر، فلم يُرْجِع إليَّ شيئًا، فكنت أَوْجَد عليه منِّي على عثمان،

 فلبثتُ ليالي، ثم خطبها رسول الله ﷺ، فأنكحتها إيَّاه، فلقيني أبو بكر، فقال: لعلَّك وَجَدْتَ علَيَّ حين عرضتَ علَيَّ حفصة، فلم أُرجع إليك شيئًا؟ فقلتُ: نعم. قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضتَ علَيَّ إلاَّ أنِّي كنتُ علمتُ أن رسول الله ﷺ قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سرَّ رسول الله ﷺ، ولو تركها رسول الله ﷺ لقبلتُها

 وقد تزوَّج رسول الله ﷺ حفصة في شعبان على رأس ثلاثين شهرًا، قبل أُحُد، وقيل: تزوَّجها رسول الله ﷺ في سنة ثلاث من الهجرة


 حفصة في بيت النبي

ودخلت حفصة رضي الله عنها بيت النبي ﷺ ثالثة الزوجات ، بعد سودة وعائشة ، أما سودة فرحّبت بها راضية ، وأمّا عائشة فحارت ماذا تصنع بابنة الفاروق عمر ، وسكتت أمام هذا الزواج المفاجيء ، الذي تقتطع فيه حفصة ثلث أيامها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن هذه الغيرة تضاءلت مع قدوم زوجات أخريات ، فلم يسعها إلا أن تصافيها الودّ ، وتُسرّ حفصة لودّ ضرتها عائشة  

 لذا فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها: أن نساء النبي ﷺ كنَّ حزبين؛ حزب فيه: عائشة، وحفصة، وصفيَّة، وسودة، وحزب فيه: أُمُّ سلمة، وسائر أزواج النبي،
وقد حذر بن الخطاب ابنته من هذا الحلف الداخلي ومن مسايرة حفصة لعائشة المدللة فقال لها ( يا حفصة أين أنت من عائشة وأين أبوك من أبيها)

وقد كانت حفصة -رضي الله عنها- كسائر نساء النبي تتقرَّب إليه بما يحبُّه ﷺ، وتسأله النفقة والمال، 
فقال لها عمر بن الخطاب : يا بنيَّة، انظري، لا تكلِّمي رسول الله ﷺ في شيء، ولا تسأليه؛ فإن رسول الله ﷺ ليس عنده دنانير ولا دراهم يعطيكهن، فما كانت لك من حاجة حتى دهن رأسك فسليني.


 الجرأة الأدبية 


سمع عمر -رضي الله عنه- يوما من زوجته أن حفصة تراجع الرسول ﷺ بالكلام ، فمضى إليها غاضباً ، وزجرها قائلاً ( تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله ، يا بُنيّة ! لا يغرنّك هذه التي أعجبها حسنها وحبُّ الرسول ﷺ إياها ، والله لقد علمت أن رسول الله ﷺ لولا أنا لطلّقك )

 ولكن على الرغم من تحذير أبيها لها ، كانت تتمتع حفصة بجرأة أدبية كبيرة ، فقد كانت كاتبة ذات فصاحة وبلاغة ، ولعل هذا ما يجعلها تبدي رأيها ولو بين يدي الرسـول ﷺ ،

 فقد رويَ أن الرسـول ﷺ قد ذكر عند حفصة أصحابه الذين بايعوه تحت الشجرة فقال ( لا يدخل النار إن شاء الله أصحاب الشجـرة الذين بايعوا تحتها ) 
فقالت حفصـة ( بلى يا رسـول الله ) فانتهـرها ، 
فقالت حفصـة الآية الكريمة : ( وإنْ منكم إلا واردُها كان على ربِّك حتماً مقضياً ) 
فقال الرسول ﷺ : ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذرُ الظالمين فيها جثيا                                                                                     


مواقف لها في بيت النبي


مع مارية القبطيةَّ

في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1]، قال الطبري: اختَلَف أهل العلم في الحلال الذي كان الله جلَّ ثناؤه أحلَّه لرسوله ﷺ ، فحرَّمه على نفسه ابتغاء مرضاة أزواجه، فقال بعضهم: كان ذلك مارية مملوكته القبطيَّة، حَرَّمَهَا على نفسه بيمين أنه لا يقربها طلب بذلك رضا حفصة بنت عمر زوجته؛ لأنها كانت غارت بأن خلا بها رسول الله ﷺ في يومها وفي حجرتها. 

مع السيدة صفيَّة رضي الله عنها

 عن أنس قال: بلغ صفيَّة أن حفصة قالت: صفيَّة بنت يهودي. فبكت، فدخل عليها النبي ﷺ وهي تبكي فقال: "مَا يُبْكِيَكِ؟" قالت: قالت لي حفصة: إني ابنة يهودي. فقال النبي ﷺ: "إِنَّكِ لابْنَةُ نَبِيٍّ، وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ، فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ؟" ثم قال: "اتَّقِي اللَّهَ يَا حَفْصَةُ". 

عن رزينة مولاة رسول الله ﷺ أن سودة اليمانيَّة جاءتْ عائشةَ تزورها وعندها حفصة بنت عمر، فجاءت سودة في هيئة وفي حالة حسنة، عليها بُرد من دروع اليمن وخمار كذلك، فقالت حفصة لعائشة: يا أم المؤمنين يجيء رسول الله ﷺ وهذه بيننا تبرق. فقالت أُمُّ المؤمنين: اتَّقي الله يا حفصة. فقالت: لأفسدَنَّ عليها زينتها. قالت: ما تَقُلْنَ ؟ وكان في أذنها ثِقَلٌ، قالت لها حفصة: يا سودة، خرج الأعور. قالت: نعم. ففزعت فزعًا شديدًا، فجعلت تنتفض، قالت: أين أختبئ ؟ قالت: عليكِ بالخيمة -خيمة لهم من سعف يطبخون فيها- فذهبت فاختبأت فيها، وفيها القذر ونسيج العنكبوت، فجاء رسول الله ﷺ وهما تضحكان لا تستطيعان أن تتكلَّما من الضحك، فقال: "مَاذَا الضَّحِكُ ؟" ثلاث مرَّات، فأومأتا بأيديهما إلى الخيمة، فذهب فإذا سودة ترعد، فقال لها: "يَا سَوْدَةُ، مَا لَكِ؟" قالت: يا رسول الله، خرج الأعور. قال: "مَا خَرَجَ وَلَيَخْرُجن، مَا خَرَجَ وَلَيَخْرُجن". فأخرجها، فجعل ينفض عنها الغبار ونسيج العنكبوت. (حديث مرفوع)

عن عائشة -رضي الله عنها: أن النبي ﷺ كان إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النبي ﷺ إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدَّث، فقالت حفصة: ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك؛ تنظرين وأنظر؟ فقالت: بلى. فركبتْ، فجاء النبي ﷺ إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليها، ثم سار حتى نزلوا، وافتقدته عائشة، فلما نزلوا جعلتْ رجليها بين الإِذْخر وتقول: يا ربِّ سلِّط علَيَّ عقربًا أو حيَّة تلدغني، ولا أستطيعُ أن أقول له شيئًا 

مع أمهات المؤمنين 

 عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ يحِبُّ الحَلوى والعَسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فَغِرْتُ، فسألتُ عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عُكَّة عَسَل، فسقت النبي ﷺ منه شربة. فقلتُ: أما والله لنحتالَنَّ له. فقلتُ لسودة بنت زَمْعَةَ: إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي: أكلتَ مغَافير ؟ فإنه سيقول لك: "لاَ". فقولي له: ما هذه الريح التي أجد ؟ فإنه سيقول لك: "سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ". فقولي: جَرَسَتْ نحلُه العُرفُطَ. وسأقول ذلك، وقولي أنت له يا صفية ذلك.

 قالت: تقول سودة: والله ما هو إلاَّ أن قام على الباب، فأردتُ أن أباديه بما أمرتِنِي فرقًا منكِ. فلمَّا دنا منها، قالت له سودة: يا رسول الله، أكلتَ مغافير؟ قال: "لاَ". قالت: فما هذه الريح التي أجد منكَ؟ قال: "سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ". قالت: جَرَسَت نَحلُه العرفطَ. فلمَّا دار إليَّ قلتُ نحو ذلك، فلمَّا دار إلى صفية قالت له مثل ذلك، فلمَّا دار إلى حفصة قالت له: يا رسول الله، ألا أسقيك منه؟ قال: "لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ". قالت: تقول سودة: والله لقد حَرَمْنَاه. قلتُ لها: اسكتي.



طلاقها من النبيورجوعها إليه


 طَلَّقَ النبي ﷺ السيدة حفصة -رضي الله عنها- وذلك لإفشائها سِرّاً استكتمها إيّاه ، فلم تكتمه ،

 وقصة ذلك أن النبي ﷺ خلا يوماً بمارية في بيت حفصة ، فلمّا انصرفت مارية دخلت حفصة حجرتها وقالت للنبي ﷺ ( لقد رأيت من كان عندك ، يا نبي الله لقد جئت إليّ شيئاً ما جئت إلى أحدٍ من أزواجك في يومي ، وفي دوري وفي فراشي ) ثم استعبرت باكية 

 فأخذ الرسول ﷺ باسترضائها فقال ( ألا ترضين أن أحرّمها فلا أقربها ؟) قالت ( بلى ) فحرّمها وقال لها ( لا تذكري ذلك لأحدٍ ) ورضيت حفصة رضي الله عنها بذلك ، وسعدت ليلتها بقرب النبي ﷺ  

حتى إذا أصبحت الغداةَ ، لم تستطع على كتمان سرّها ، فنبّأت به عائشة رضي الله عنها ، فأنزل الله تعالى قوله الكريم مؤدِّباً لحفصة خاصة ولنساء النبي عامة 

قال الله تعالى : ( وإذْ أسَرَّ النَّبِيُّ إلى بَعْضِ أزْوَاجه حَديثاً ، فلمّا نَبّأتْ بِهِ وأظهَرَهُ اللّهُ عليه عَرَّفَ بعضَه وأعْرَض عن بَعْضٍ فلمّا نَبّأهَا بِهِ قالت مَنْ أنْبَأكَ هَذا قال نَبّأنِي العَلِيمُ الخَبيرُ ") سورة التحريم آية ( 3 ) 

فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فحثا التراب على رأسه وقال ( ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها ) فنزل جبريل -عليه السلام- من الغَدِ على النبي ﷺ فقال ( إن الله يأمرك أن تُراجِعَ حفصة رحمة بعمر ) وفي رواية أن جبريل قال ( أرْجِع حفصة ، فإنها صوّامة قوّامة ، وإنها زوجتك في الجنة                                                                                                                       


اعتزال النبي لنسائه 


اعتزل النبي ﷺ نساءه شهراً ، وشاع الخبر أن النبي ﷺ قد طلّق نساءه ، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك ، 

واستأذن عمر رضي الله عنه عدّة مرات للدخول على الرسول ﷺ فلم يؤذن له ، فذهب مسرعاً الى بيت حفصة ، فوجدها تبكي فقال ( لعلّ رسول الله ﷺ قد طلّقك ؟ إنه كان قد طلّقك مرةً ، ثم راجعك من أجلي ، فإن كان طلّقك مرّة أخرى لا أكلمك أبداً ) 

ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول ﷺ فأذِنَ له ، فدخل عمر والنبي ﷺ متكئ على حصير قد أثر في جنبه ، فقال عمر ( أطلقت يا رسول الله نساءك ؟) فرفع ﷺ رأسه وقال ( لا) فقال عمر ( الله أكبر ) 

ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي ﷺ ما لاقى من نسائـه ، فقال عمر ( الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فغضبتُ على امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت ( ما تُنْكِر أن راجعتك ؟ فوالله إن أزواج النبي ﷺ ليراجعْنَهُ ، وتهجره إحداهنّ اليوم الى الليل ) فقلت ( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله ﷺ فإذاً هي قد هلكت ؟) فتبسّم رسول الله ﷺ 

فقال عمر ( يا رسول الله ، قد دخلت على حفصة فقلت ( لا يغرنّك أن كانت جاريتك -يعني عائشة- هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله ﷺ منك ) فتبسّم الرسول ﷺ  ثانية ، 

فاستأذن عمر -رضي الله عنه- بالجلوس فأذن له وكان ﷺ أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ ، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي ﷺ والآية التي تليها في أمهات المؤمنين 

قال تعالى : ( إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ ** عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مؤمناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً ) سورة التحريم آية ( 4 - 5 ) 

فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ : ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير ) 


قصة الإنفاق

عن جابر رضي الله عنه قال: أقبل أبو بكر  يستأذن على رسول الله ﷺ والناس ببابه جلوس، والنبي ﷺ جالس فلم يؤذن له، ثم أقبل عمر فاستأذن فلم يؤذن له، ثم أُذِنَ لأبي بكر وعمر فدخلا، والنبي ﷺ جالس وحوله نساؤه، وهو ساكت،

 فقال عمر: لأكلمَنَّ النبي ﷺ لعله يضحك. فقال عمر: يا رسول الله، لو رأيت ابنة زيد -امرأة عمر- سألتني النفقة آنفًا، فوجأتُ عنقها. فضحك النبي ﷺ حتى بدا ناجذه، وقال: "هُنَّ حَوْلِي يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ". 

فقام أبو بكر  إلى عائشة ليضربها، وقام عمر  إلى حفصة، كلاهما يقولان: تسألان النبي ﷺ ما ليس عنده. فنهاهما رسول الله ﷺ، فقلن نساؤه: والله لا نسأل رسول الله بعد هذا المجلس ما ليس عنده.

 قال: وأنزل الله تعالى الخيار، فبدأ بعائشة، فقال: "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، وَلا عَلَيْكِ أَنْ لا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ". قالت: وما هو؟ فتلا عليها: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ...} [الأحزاب: 28] الآية،

 قالت عائشة رضي الله عنها: أفيكَ أستأمر أبوي َّ؟! بل أختار الله ورسوله، وأسألك ألاَّ تذكر لامرأة من نسائك ما اخترتُ. فقال: "إِنَّ اللَّهَ تعالى لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّفًا وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا، لاَ تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ عَمَّا اخْتَرْتِ إِلاَّ أَخْبَرْتُهَا"


اهتمام النبيبتعليمها

 عن الشفاء بنت عبد الله قالت: دخل علَيَّ رسول الله ﷺ وأنا عند حفصة، فقال لي: "ألا تُعَلِّمِينَ هَذِهِ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ كَمَا عَلَّمْتِيهَا الْكِتَابَةَ ؟ ( مسند الإمام أجمد) وفي الحديث إشارة واضحة إلى أن السيدة حفصة -رضي الله عنها- كانت متعلمة للكتابة، وهو أمر نادر بين النساء في تلك الفترة الزمنيَّة الممتدة في عمق الزمن، 

ومما أعان على توفُّر العلم لدى السيدة حفصة -رضي الله عنها- وجودها في هذا المحضن التربوي بين أزواج النبي ﷺ، حيث اتصال السماء بالأرض، وتتابع نزول الوحي بالرسالة الخاتمة على الرسول الكريم ﷺ وقد نتج عن هذا كله أن لُقِّبت السيدة حفصة -رضي الله عنها- بحارسة القرآن، وكانت إحدى أهمِّ الفقيهات في العصر الأوَّل في صدر الإسلام، وكثيرًا ما كانت تُسأل فتجيب رضي الله عنها وأرضاها. 


حياتها ومواقفها بعد النبي

 بعد وفاة النبي ﷺ لزمت السيدة حفصة -رضي الله عنها- بيتها، ولم تخرج منه إلاَّ لحاجة، وكانت هي وعائشة -رضي الله عنهما- يدًا واحدة، فلمَّا أرادت عائشة الخروج إلى البصرة، همَّت حفصة -رضي الله عنها- أن تخرج معها، وذلك بعد مقتل عثمان ، إلاَّ أن عبد الله بن عمر  حال بينها وبين الخروج،

 وقد كانت -رضي الله عنها- بليغة فصيحة، قالت في مرض أبيها عمر بن الخطاب : "يا أبتاه ما يحزنك؟! وفادتك على ربٍّ رحيم، ولا تبعة لأحد عندك، ومعي لك من البشارة لا أذيع السرَّ مرَّتين، ونعم الشفيع لك العدل، لم تَخْفَ على الله خشنة عيشتك، وعفاف نهمتك، وأخذك بأكظام المشركين والمفسدين في الأرض" 


حديثها

 روت -رضي الله عنها- عن رسول الله ﷺ وأبيها عمر بن الخطاب ستِّين حديثًا، اتَّفق البخاري ومسلم على ثلاثة، وانفرد مسلم بستَّة، وقد روى عنها جماعة من الصحابة والتابعين؛ كأخيها عبد الله، وابنه حمزة، وزوجته صفية بنت أبي عبيد، وحارثة بن وهب، والمطلب بن أبي وداعة، وأمُّ مبشر الأنصارية، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الله بن صفوان بن أمية، والمسيِّب بن رافع... وغيرهم، ومسندها في كتاب بقيّ بن مخلد ستُّون حديثًا. 


وارِثة المصحف

لقد عكِفَـت أم المؤمنين حفصـة رضي الله عنها على تلاوة المصحف وتدبُّره والتأمـل فيه ، مما أثار انتباه أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- مما جعله يُوصي الى ابنته ( حفصة ) بالمصحف الشريف الذي كُتِبَ في عهد أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه بعد وفاة النبي ﷺ ، وكتابته كانت على العرضة الأخيرة التي عارضها له جبريل مرتين في شهر رمضان من عام وفاته ﷺ 

 ولمّا أجمع الصحابة على أمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في جمع الناس على مصحف إمامٍ ينسخون منه مصاحفهم ، أرسل أمير المؤمنين عثمان الى أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- ( أن أرسلي إلينا بالصُّحُفِ ننسخها في المصاحف ) فحفظت أم المؤمنين الوديعة الغالية بكل أمانة ، وصانتها ورعتها


وفاتها

وبقيت حفصة رضي الله عنها عاكفة على العبادة، صوامة قوامة إلى أن تُوُفِّيَتْ -رضي الله عنها- في شعبان سنة 45هـ، على أرجح الروايات، ودفنت في البقيع مع أمهات المؤمنين رضي الله عنهن



🌹اللهم صل وسلم على محمد
         وعلى اله وصحبه
              أجمعين

عن الكاتب

Yousra saad

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

بصمات السراج المنير